فصل: قال ابن عاشور:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال ابن عاشور:

{يَا داود إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ} مقول قول محذوف معطوف على {فغفرنا له ذلك} [ص: 25] أي صفَحنا عنه وذكرناه بنعمة المُلك ووعظناه، فجمع له بهذا تنويهًا بشأنه وإرشادًا للواجب.
وافتتاح الخطاب بالنداء لاسترعاء وَعْيه واهتمامه بما سيقال له.
والخليفة: الذي يخلف غيره في عملٍ، أي يقوم مقامه فيه، فإن كان مع وجود المخلوف عنه قيل: هو خليفة فُلان، وإن كان بعدما مضى المخلوف قيل: هو خليفة مِن فلان.
والمراد هنا: المعنى الأول بقرينة قوله: {فاحكم بين الناس بالحق}.
فالمعنى: أنه خليفة الله في إنفاذ شرائعه للأمة المجعول لها خليفة مما يوحي به إليه ومما سبق من الشريعة التي أوحي إليه العمل بها.
وخليفةٌ عن موسى عليه السلام وعن أحبار بني إسرائيل الأولين المدعوين بالقُضاة، أو خليفة عمن تقدمه في الملك وهو شاول.
و{الأرض} أرض مملكته المعهودة، أي جعلناك خليفة في أرض إسرائيل.
ويجوز أن يجعل الأرض مرادًا به جميع الأرض فإن داود كان في زمنه أعظم ملوك الأرض فهو متصرف في مملكته ويَخاف بأسَه ملوكُ الأرض فهو خليفة الله في الأرض إذ لا ينفلت شيء من قبضته، وهذا قريب من الخلافة في قوله تعالى: {ثم جعلناكم خلائف في الأرض من بعدهم} [يونس: 14] وقوله: {ويجعلكم خلفاء الأرض} [النمل: 62].
وهذا المعنى خلاف معنى قوله تعالى: {وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة} [البقرة: 30] فإن الأرض هنالك هي هذه الكرة الأرضية.
قال ابن عطية: ولا يقال خليفة الله إلا لرسوله صلى الله عليه وسلم وأما الخلفاء فكل واحد منهم خليفةُ الذي قبلَه، ألاَ ترى أن الصحابة رضي الله عنهم حرّروا هذا المعنى فقالوا لأبي بكر رضي الله عنه: يا خليفة رسول الله، وبهذا كان يدعى بذلك مدة حياته، فلما ولي عمر قالوا: يا خليفةَ خليفة رسول الله فطال ورأوْا أنه سيطول أكثر في المستقبل إذا ولي خليفة بعد عمر فدعوا عُمر أميرَ المؤمنين، وقصر هذا على الخلفاء، وما يجيء في الشعر من دعاء أحد الخلفاء خليفة الله فذلك تجوّز كما قال ابنُ قيسسِ الرقياتِ:
خليفة الله في بريته ** جَفَّت بذاك الأقلام والكتب

وفُرع على جعله خليفة أمرُه بأن يحكم بين الناس بالحق للدلالة على أن ذلك واجبه وأنه أحق الناس بالحكم بالعدل، ذلك لأنه هو المرجع للمظلومين والذي تُرفع إليه مظالم الظلمة من الولاة فإذا كان عادلًا خشيهُ الولاة والأمراء لأنه ألف العدل وكره الظلم فلا يُقر ما يجري منه في رعيته كلما بلغه فيكون الناس في حذر من أن يصدر عنهم ما عسى أن يرفع إلى الخليفة فيقتص من الظالم، وأمّا إن كان الخليفة يظلم في حكمه فإنه يألف الظلم فلا يُغضبه إذا رفعت إليه مظلمة شخص ولا يحرص على إنصاف المظلوم.
وفي الكشاف: أن بعض خلفاء بني أمية قال لعمر بن عبد العزيز أو للزهري: هل سمعتَ ما بلغَنا؟ قال: وما هو؟ قال: بلغنا أن الخليفة لا يجري عليه القلم ولا تُكتب له معصية، فقال: يا أمير المؤمنين، الخلفاء أفضل أم الأنبياء، ثم تلا هذه الآية.
والمراد ب {النَّاسِ} ناس مملكته فالتعريف للعهد أو هو للاستغراق العرفي.
والحق: هو ما يقتضيه العدل الشرعي من معاملة الناس بعضهم بعضًا وتصرفاتهم في خاصّتهم وعامّتهم ويتعين الحق بتعيين الشريعة.
والباء في {بالحَقِّ} باء المجازية، جعل الحق كالآلة التي يعمل بها العامل في قولك: قطعه بالسكين، وضربه بالعصا.
وقوله: {ولا تَتَّبِععِ الهوى} معطوف على التفريع، ولعله المقصود من التفريع.
وإنما تقدم عليه أمره بالحكم بالحق ليكون توطئة للنهي عن اتباع الهوى سَدًّا لذريعة الوقوع في خطأ الحق فإن داود ممن حكم بالحق فأمره به باعتبار المستقبل.
والتعريف في {الهوى} تعريف الجنس المفيد للاستغراق، فالنهي يعمّ كل ما هو هوى، سواء كان هوى المخاطب أو هوى غيره مثل هوى زوجه وولده وسيده، وصديقه، أو هوى الجمهور: {قالوا يا موسى اجعل لنا إلهًا كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون} [الأعراف: 138].
ومعنى الهوى: المحبة، وأطلق على الشيء المحبوب مبالغة، أي ولو كان هوى شديدًا تعلقُ النفس به.
والهوى: كناية عن الباطل والجور والظلم لِما هو متعارف من الملازمة بين هذه الأمور وبين هوى النفوس، فإن العدل والإنصاف ثقيل على النفوس فلا تهواه غالبًا، ومن صارت له محبة الحق سجية فقد أوتي العلم والحكمة وأيّد بالحِفظ أو العصمة.
والنهي عن اتباع الهوى تحذير له وإيقاظ ليحذّر من جراء الهوى ويتّهم هوى نفسه ويتعقبه فلا ينقاد إليه فيما يدعوه إليه إلا بعد التأمل والتثبت، وقد قال سهل بن حُنيْف رضي الله عنه: اتهموا الرَّأي، ذلك أن هوى النفس يكون في الأمور السهلة عليها الرائقة عندها ومعظم الكمالات صعبة على النفس لأنها ترجع إلى تهذيب النفس والارتقاء بها عن حضيض الحيوانية إلى أوج المَلكية، ففي جميعها أو معظمها صرف للنفس عما لاصَقَها من الرغائب الجسمانية الراجع أكثرها إلى طبع الحيوانية لأنها إما مدعوة لِداعي الشهوة أو داعي الغضب فالاسترسال في اتباعها وقوع في الرذائل في الغالب، ولهذا جُعل هنا الضلال عن سبيل الله مسببًا على اتباع الهوى، وهو تسبب أغلبي عرفي، فشبه الهوى بسائرٍ في طريق مهلكة على طريقة المكنية ورمز إليه بلازم ذلك وهو الإضلال عن طريق الرشاد المعبر عنه بسبيل الله، فإن الذي يتبع سائرًا غيرَ عَارف بطريق المنازل النافعة لا يلبث أن يجد نفسه وإياه في مهلكة أو مَقطعة طريق.
واتّباع الهوى قد يكون اختيارًا، وقد يكون كرهًا.
والنهي عن اتباعه يقتضي النهي عن جميع أنواعه؛ فأما الاتّباع الاختياري فالحذر منه ظاهر، وأما الاتباع الاضطراري فالتخلص منه بالانسحاب عما جرّه إلى الإِكراه، ولذلك اشترط العلماء في الخليفة شروطًا كلّها تحوم حول الحيلولة بينه وبين اتباع الهوى وما يوازيه من الوقوع في الباطل، وهي: التكليف، والحُرّية، والعدالة، والذكورة، وأما شرط كونه من قريش عند الجمهور فلئلا يضعف أمام القبائل بغضاضة.
وانتصب {فَيُضِلَّكَ} بعد فاء السببية في جواب النهي.
ومعنى جواب النهي جواب المنهي عنه فهو السبب في الضلال وليس النهي سببًا في الضلال.
وهذا بخلاف طريقة الجزم في جواب النهي.
و{سبيل الله} الأعمال التي تحصُل منها مرضاته وهي الأعمال التي أمر الله بها ووعد بالجزاء عليها، شُبّهت بالطريق الموصل إلى الله، أي إلى مرضاته.
وجملة: {إنَّ الذين يضلون عن سبيل الله} إلى آخرها يظهر أنها مما خاطب الله به داود، وهي عند أصحاب العدد آية واحدة من قوله: {يا داود إنَّا جعلناك خليفة في الأرض} إلى {يومَ الحِسَابِ} فهي في موقع العلة للنهي، فكانت {إنّ} مغنية عن فاء التسبب والترتب، فالشيء الذي يفضي إلى العذاب الشديد خليق بأن يُنهى عنه، وإن كانت الجملة كلامًا منفصلًا عن خطاب داود كانت معترضة ومستأنفة استئنافًا بيانيًا لبيان خطر الضلال عن سبيل الله.
والعموم الذي في قوله: {الذين يضلون عن سبيل الله} يُكسب الجملة وصف التذييل أيضًا وكلا الاعتبارين موجب لعدم عطفها.
وجيء بالموصول للإِيماء إلى أن الصلة علة لاستحقاق العذاب.
واللام في {لهُم عَذَابٌ} للاختصاص، والباء في {بِما نسُوا يومَ الحِسَابِ} سببية.
و{ما} مصدرية، أي بسبب نسيانهم يوم الحساب، وتتعلق الباء بالاستقرار الذي ناب عنه المجرور في قوله: {لَهُم عَذَابٌ}.
والنسيان: مستعار للإِعراض الشديد لأنه يشبه نسيان المعرض عنه كما في قوله تعالى: {نسوا الله فنسيهم} [التوبة: 67]، وهو مراتب أشدها إنكار البعث والجزاء، قال تعالى: {فذوقوا بما نسيتم لقاء يومكم هذا إنا نسيناكم} [السجدة: 14].
ودونه مراتب كثيرة تكون على وفق مراتب العذاب لأنه إذا كان السبب ذا مراتب كانت المسببات تبعًا لذلك.
والمراد ب {يَوْمَ الحسابِ} ما يقع فيه من الجزاء على الخير والشر، فهو في المعنى على تقدير مضاف، أي جزاء يوم الحساب على حدّ قوله تعالى: {ونسي ما قدمت يداه} [الكهف: 57]، أي لم يفكر في عاقبة ما يقدمه من الأعمال.
وفي جعل الضلال عن سبيل الله ونسيان يوم الحساب سببين لاستحقاق العذاب الشديد تنبيه على تلازمهما فإن الضلال عن سبيل الله يفضي إلى الإِعراض عن مراقبة الجزاء.
وترجمة داود تقدمت عند قوله تعالى: {ومن ذريته داود} في [الأنعام: 84] وقوله: {وآتينا داود زبورًا} في [النساء: 163].
{وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ (27)} لما جرى في خطاب داود ذكرُ نسيان يوم الحساب وكان أقصى غايات ذلك النسيان جحودُ وقوعه لأنه يفضي إلى عدم مراعاته ومراقبته أبدًا اعتُرِض بين القصتين بثلاث آيات لبيان حكمة الله تعالى في جعل الجزاء ويومه احتجاجًا على منكريه من المشركين.
والباطل: ضد الحق، فكل ما كان غير حقّ فهو الباطل، ولذلك قال تعالى في الآية الأخرى: {ما خلقناهما إلا بالحق} [الدخان: 39].
والمراد بالحقّ المأخوذِ من نفي الباطل هنا، هو أن تلك المخلوقات خلقت على حالة لا تخرج عن الحق؛ إمّا حَالًا كخلق الملائكة والرسل والصالحين، وإمّا في المآل كخلق الشياطين والمفسدين لأن إقامة الجزاء عليهم من بعد استدراك لمقتضى الحق.
وقد بنيت هذه الحجة على الاستدلال بأحوال المشاهدات وهي أحوال السماوات والأرض وما بينهما، والمشركون يعلمون أن الله هو خالق السماوات والأرض وما بينهما، فأقيم الدليل على أساس مقدمة لا نزاع فيها، وهي أن الله خلق ذلك وأنهم إذا تأملوا أدنى تأمل وجدوا من نظام هذه العوالم دلالةً تحصل بأدنى نظر على أنه نظام على غاية الإِحكام إحكامًا مطردًا، وهو ما نبههم الله إليه بقوله: {وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلًا}.
ومصب النفي الحالُ وهو قوله: {باطِلًا} فهو عام لوقوعه في سياق النفي، وبعد النظر يعلم الناظر أن خالقها حكيم عادل وأن تصرفات الفاعل يستدل بالظاهرِ منها على الخَفي، فكان حقًا على الذين اعتادوا بتحكيم المشاهدات وعدم تجاوزها أن ينظروا بقياس من خفي عنهم على ما هو مشاهد لهم، فلما استقرّ أن نظام السماء والأرض وما بينهما كان جاريًا على مقتضى الحكمة وكامل النظام، فعليهم أن يتدبّروا فيما خفي عنهم من وقوع البعث والجزاء فإن جميع ما في الأرض جارٍ على نظام بديع إلا أعمال الإِنسان، فمن المعلوم بالمشاهدة أن من الناس صالحين نافعين، ومنهم دون ذلك إلى صنف المجرمين المفسدين، وإن من الصالحين كثيرًا لم ينالوا من حظوظ الخيرات الدنيوية شيئًا أو إلاّ شيئًا قليلًا هو أقلّ مما يستحقه صلاحه وما جاهده من الارتقاء بنفسه إلى معارج الكمال.
ومن المفسدين من هم بعكس ذلك.
والفساد: اختلال اجتلبه الإِنسان إلى نفسه باتِّباعه شهواته باختياره الذي أودعه الله فيه، وبقواه الباطنية قال تعالى: {لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ثم رددناه أسفل سافلين إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات} [التين: 4- 6] وفي هذه المراتب يدنو الناس دُنُوًّا متدرّجًا إلى مراتب الملائكة أو دُنُوًّا متدلِّيًا إلى أحضية الشياطين فكانت الحكمة الإلهية تقتضي أن يلتحق كل فريق بأشباهه في النعيم الأبدي أو الجحيم السرمدي.
ولولا أن حكمة نظام خلق العوالم اقتضت أن يُحال بين العوالم الزائلة والعوالم السرمدية في المدة المقدرة لبقاء هذه الأخيرة لأطار الله الصالحين إلى أوج النعيم الخالد، ولَدَسّ المجرمين في دركات السعير المؤبد، لعلل كثيرة اقتضت ذلك جُماعها رْعيُ الإِبقاء على خصائص المخلوقات حتى تؤدي وظائفها التي خلقت لها، وهي خصائص قد تتعارض فلو أوثر بعضها على غيره بالإِبقاء لأفضى إلى زوال الآخر، فمكّن الله كل نوع وكل صنف من الكدَح لنوال ملائمه وأرشد الجميع إلى الخير وأمر ونهى وبيّن وحدد.
وجعل لهم من بعد هذا العالم الزائل عالَمًا خالدًا يكون فيه وجود الأصناف محوطًا بما تستحقه كمالاتُها وأضدادُها من حُسْن أو سوء، ولو لم يجعل الله العالمَ الأبدي لذهب صلاح الصالحين باطلًا أجهدوا فيه أنفسهم وأضاعوا في تحصيله جمًّا غفيرًا من لذائذهم الزائلة دون مقابل، ولعاد فساد المفسدين غُنما أرضَوْا به أهواءَهم ونالوا به مشتهاهم فذهب ما جَرُّوه على الناس من أرزاء باطلًا، فلا جرم لو لم يكن الجزاء الأبدي لعاد خلق الأرض باطلًا ولفاز الغويّ بغوايته.
فإذا استقرت هذه المقدمة تعين أن إنكار البعث والجزاء يلزمه أن يكون منكرُه قائلًا بأن خلق السماء والأرض وما بينهما شيء من الباطل، وقد دلّت الدلائل الأخرى أن لا يكون في خلق ذلك شيء من الباطل بقياس الخفي على الظاهر، فبطل ما يفضي إلى القول بأن في خلق بعض ما ذكر شيء من الباطل.
والمشركون وإن لم يصدر منهم ذلك ولا اعتقدوه لكنهم آيلون إلى لزومه لهم بطريق دلالة الالتزام لأن من أنكر البعث والجزاء فقد تقلد أن ما هو جارٍ في أحوال الناس باطل، والناس من خلق الله فباطلهم إذا لم يؤاخِذهم خالقهم عليه يكون مما أقرّه خالقهم، فيكون في خلق السماء والأرض وما بينهما شيء من الباطل، فتنتقض كلية قوله: {وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلًا} وهو ما ألزمهم إياه قوله تعالى: {ذلك ظنُّ الذين كفروا} والإِشارة إلى القضية المنفية لا إلى نفيها، أي خَلق المذكورات باطلًا هو ظن الذين كفروا، أي اعتقادهم.
وأُطلق الظن على العلم لأن ظنهم علم مخالف للواقع فهو باسم الظن أجدر لأن إطلاق الظن يقع عليه أنواع من العلم المُشْبِه والباطل.
وفي هذه الآية دليل على أن لازم القول يعتبر قولًا، وأن لازم المذهب مذهب وهو الذي نحاه فقهاء المالكية في موجبات الردة من أقوال وأفعال.
وفرع على هذا الاستدلال وعدممِ جري المشركين على مقتضاه قوله: {فويلٌ للذين كفروا مِنَ النَّارِ} أي نار جهنم.
وعُبر عنهم بالموصول لما تشير إليه الصلة من أنهم استحقوا العقاب على سوء اعتقادهم وسوء أعمالهم، وأن ذلك أيضًا من آثار انتفاء الباطل عن خلق السماوات والأرض وما بينهما، لأنهم كانوا على باطل في إعراضهم عن الاستدلال بنظام السماوات والأرض، وفي ارتكابهم مفاسد عوائد الشرك وملته، وقد تمتّعوا بالحياة الدنيا أكثر مما تمتع بها الصالحون فلا جرم استحقوا جزاء أعمالهم.
ولفظ: {وَيل} يدل على أشدّ السوء.
وكلمة: وَيْلٌ له، تقال للتعجيب من شدة سوء حالة المتحدث عنه، وهي هنا كناية عن شدة عذابهم في النار.